محطات التحلية المتنقلة…إستراتيجية مملكة لمواجهة أزمة مياه الشرب

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

يواجه المغرب أزمة مائية حادة تهدد توفير مياه الشرب لكافة المواطنين، خصوصًا في المناطق النائية والريفية، التي تعاني من نقص مستمر في الموارد المائية، وكان الملك محمد السادس قد خصص جزءً هاما من خطابه بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش لحث الحكومة على ضرورة السهر على تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى الخاصة بتحلية مياه البحر، في ظل التحديات التي كانت تجابهها المملكة إثر توالي سنوات الجفاف وتراجع حقينة السدود قبل الأمطار الأخيرة.

و في ظل هذا التحدي البيئي والمناخي، قررت الحكومة المغربية توجيه استثمارات كبيرة في التكنولوجيا المتقدمة عبر اقتناء 200 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر، وذلك في إطار استراتيجية طموحة لضمان توفير مياه الشرب لملايين المواطنين، عبر هذه المبادرة التي تأخذ طابعًا مستدامًا، ويُنتظر أن تكون لها آثار إيجابية كبيرة على الأمن المائي في المملكة.

– أزمة المياه في المغرب: الأسباب والآثار

تعود أزمة المياه في المغرب إلى عدة عوامل أبرزها التغيرات المناخية، والتي أدت إلى تراجع خطير في مستويات المياه الجوفية والسطحية، بالإضافة إلى ذلك، تعاني بعض المناطق من جفاف متكرر يفاقم أزمة التوزيع العادل للموارد المائية،وكنتيجة لهذه المتغيرات، باتت مصادر المياه التقليدية غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين، خصوصًا في المناطق الحضرية أو القروية التي تعاني من خصاص مزمن في المياه.

ويعتبر المغرب من بين الدول التي تشهد تزايدًا في معدلات التبخر في المسطحات المائية، في وقت يعاني فيه من محدودية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. هذه المعطيات تُجبر الحكومة على البحث عن حلول مبتكرة لضمان توفير المياه الصالحة للشرب، وهو ما جعل محطات تحلية مياه البحر أحد الخيارات الرئيسية على طاولة الحلول.

– محطات التحلية المتنقلة: الحل العاجل

في خطوة لمواجهة هذه الأزمة، قرر المغرب شراء 200 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر قبل نهاية عام 2025.

وتتميز هذه المحطات بتكنولوجيا متقدمة يمكنها معالجة مياه البحر وتحليتها بسرعة وكفاءة، حتى في الحالات التي تحتوي فيها المياه على نسب عالية من المعاد، كما يتيح هذا النظام المتطور معالجة المياه بشكل فعال، مما يجعلها خيارًا مثاليًا للمناطق التي تعاني من شح الموارد المائية.

تتمتع المحطات المتنقلة بقدرة إنتاجية تتراوح بين 10 و100 لتر من المياه في الثانية، ما يسمح بتوفير كميات كافية لتلبية احتياجات سكان المنطقة، علاوة على ذلك، يمكن لكل محطة إنتاج ما بين 360 و3600 متر مكعب يوميًا من المياه، هذه القدرة تجعل من المحطات المتنقلة حلاً مثاليًا للمناطق التي تحتاج إلى إمدادات مياه سريعة وقابلة للتنقل بسهولة.

من جانب آخر، تمتاز المحطات المتنقلة بتكلفتها المنخفضة نسبيًا مقارنة بالتجهيزات الثابتة، حيث يتراوح سعر الوحدة الواحدة حوالي 1.3 مليون دولار اي مايعادل ” مليار و 400 مليون سنتيم ” هذا السعر يجعلها مناسبة لدعم المناطق الأكثر حاجة، ويمكن تركيبها بسهولة في مواقع مختلفة.

محطات التحلية المتنقلة…إستراتيجية مملكة لمواجهة أزمة مياه الشرب

– الاستراتيجية الوطنية لتأمين المياه

يتماشى هذا التوجه مع استراتيجية وطنية واسعة تهدف إلى تنويع مصادر المياه وضمان توفير إمدادات المياه الصالحة للشرب في كافة أنحاء المملكة، وخاصة في المناطق التي تعاني من نقص شديد في هذه الموارد. وبحسب المعطيات الرسمية، يسعى المغرب إلى تأمين 50% من احتياجات سكانه من المياه عبر تحلية مياه البحر بحلول عام 2030.

الهدف من هذه الاستراتيجية ليس فقط ضمان توفير مياه الشرب، بل أيضًا مواجهة آثار التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على البيئة وموارد المياه.

وقد أظهرت الدراسات أن الاعتماد على المياه الجوفية والسطحية لم يعد كافيًا في ظل التغيرات المناخية السريعة والتراجع الحاد في منسوب المياه، وهو ما يستدعي حلولًا بديلة ومستدامة.

محطات التحلية المتنقلة…إستراتيجية مملكة لمواجهة أزمة مياه الشرب

– مستقبل الأمن المائي في المغرب

تعد المحطات المتنقلة لتحلية مياه البحر جزءًا من خطة كبيرة لتحسين الأمن المائي في المغرب، حيت يُتوقع أن يتم تسريع تنفيذ هذا المشروع ليبدأ المواطنون في الاستفادة منه في أقرب وقت ممكن، حيث سيسهم بشكل فعال في تحسين الوضع المائي في المناطق القروية والحضرية على حد سواء، وهذا يشمل تلبية احتياجات مياه الشرب للعديد من الأسر التي تعاني من شح المياه، وخاصة في فترات الجفاف الطويلة.

وفي ظل تطور هذه التكنولوجيا، أصبح من الممكن للمغرب أن يتعامل مع التحديات المناخية الحالية والمستقبلية بشكل أكثر كفاءة، مما يضمن استدامة موارد المياه للأجيال القادمة، كما أن هذه الجهود تظهر إصرار الملك محمد السادس بتوجيه الحكومة على تحقيق الأمن المائي واستدامة الموارد الطبيعية.

و تمثل المحطات المتنقلة لتحلية مياه البحر خطوة هامة نحو ضمان الأمن المائي في المغرب، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد بسبب التغيرات المناخية وشح الموارد المائية. من خلال هذه المبادرة، يأمل المغرب في تأمين مياه الشرب لنحو 3 ملايين من سكان الأرياف في المدى القصير، في حين يتطلع إلى تحقيق تغطية شاملة لمياه الشرب لكافة سكانه بحلول عام 2030.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى